فصل: الْفَصْل الثَّانِي الْمُرْضع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْمَانِع الثَّالث: الرَّضَاعُ:

وَيُقَالُ الرَّضَاعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا وَالرَّضَاعَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَنَدُهُ وَيَتَعَلَّقُ الْفِقْهُ فِيهِ بِالْمُرْضِعَةِ وَالْمُرْضِعِ وَاللَّبَنِ الْمُرْضَعِ وَإِثْبَاتِهِ وَمَنْ يَحْرُمُ بِهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ:

.الفصل الْأَوَّلُ فِي الْمُرْضِعَةِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ الْمَرْأَةُ دُونَ الرَّجُلِ وَالْبَهِيمَةِ وَقَالَهُ ش وح وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ نِكَاحِ مَنْ أَرْضَعَهُ الرِّجَال قَالَ اللَّخْمِيّ قَالَ ابْن اللبان تقع الْحُرْمَةُ بِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إِذَا وَقَعَتْ بِاللَّبَنِ عَنْ وَطْئِهِ فَبِلَبَنِهِ أَوْلَى وَيُحْمَلُ قَوْله تَعَالَى {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم} عَلَى الْغَالِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَيَحْرُمُ ارْتِضَاعُ الْمَيْتَةِ وَفَحْلُهُ أَبٌ لِأَنَّهُ يُغَذِّي وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ لِشَبَهِهَا بِالْبَهِيمَةِ بَلْ بالجماد وَيحرم لبن الْبكر والآيسة وَغير الموطؤة وَالصَّبِيَّةِ وَقَالَهُ ح خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ لَبَنَهَا يُغَذِّي وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَقِيلَ مَا لَمْ تَنْقُصْ الصَّبِيَّةُ عَنْ سِنِّ مَنْ تُوطَأُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ تُجْبَرُ ذَاتُ الزَّوْجِ عَلَى رضَاع وَلَدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يُرْضِعُ مِثْلُهَا لِشَرَفِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} الْبَقَرَة 133 وَلِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى ذَلِكَ عُرْفًا فيلزمها شرعا فَإِن مَاتَ الْأَب وَالصَّبِيّ قَالَ فلهَا الِاسْتِئْجَار من مَاله عل إرضاعه إِلَّا أَن لَا يَقْبَلَ غَيْرُهَا فَتُجْبَرَ بِالْأُجْرَةِ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَزِمَهَا إِرْضَاعُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنْ قَبِلَ غَيْرُهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِرْضَاعِ وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَقَالَ عبد الْوَهَّاب لَا يلْزمهَا إِلَّا أَن لَا يقبل غَيرهَا لِأَن الأَصْل عدم تعلق حَقه بِهَا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ لَبَنٌ أَوْ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَعَلَيْهَا إِرْضَاعُهُ لِلْآيَةِ وَتَأْخِيرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْغَامِدِيَّةَ حَتَّى إِذا أرضعت وَلَدهَا حِينَئِذٍ رَجَمَهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَعَيُّنِهَا لَهُ وَفِي الْكتاب على الرَّجْعِيَّة الْإِرْضَاع كَالزَّوْجَةِ فَإِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَتْ بَائِنًا فعلى الْأَب أجر الرَّضَاع فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَالْأُمُّ أَحَقُّ بِمَا يَرْضَى بِهِ غَيْرُهَا وَلَيْسَ لِلْأَبِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَبَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا إِلَّا أَن لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا فَتُجْبَرَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ الْأُمُّ أَحَقُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِمَا زَادَ سَوَاءٌ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُ غَيْرُ الْأُمِّ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْدِمًا فَوَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ بَاطِلًا قِيلَ لِلْأُمِّ إِمَّا أَنْ تُرْضِعَهُ بَاطِلًا أَوْ تُسَلِّمَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْأَبُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَوَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ بِدُونِهَا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَو وجد مَنْ يُرْضِعُهُ بَاطِلًا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُهُ إِلَّا بِمَا وَجَدَ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الطَّلَاق 6.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا طَلَّقَهَا لَيْسَ لَهَا طَرْحُ وَلَدِهَا مِنْ حِينِهِ حَتَّى يَجِدَ مُرْضِعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} الْبَقَرَة 135.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذا أقدم الْأَبُ أُجْرَةَ رَضَاعِ سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَ رَجَعَ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَقَالَ مَالِكٌ ذَاكَ عَطِيَّةُ الابْن اسْتحقَّهَا بالحوز.

.الْفَصْل الثَّانِي الْمُرْضع:

فِي الْكِتَابِ لَا يُحَرَّمُ الرَّضَاعُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إِلَّا بِنَحْوِ الشَّهْرَيْنِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَوْلَيْنِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح ثَلَاثُونَ شَهْرًا لَنَا ظَاهِرُ الْآيَة الْمُتَقَدّمَة وَلِأَنَّهُ من الْحَاجَةِ غَالِبًا وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنِ انْفَصَلَ قَبْلَ ذَلِكَ وَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَمْ يُحَرِّمْ رَضَاعُهُ إِلَّا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْيَسِيرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ يُحَرِّمُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَقَالَ أَيْضًا مِثْلَ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ وَرُوِيَ عَنْهُ بَعْدَهَا بِشَهْرٍ وَرُوِيَ بِثَلَاثَة أشهر.

.الْفَصْل الثَّالِث اللَّبن الْمُرْضع:

قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا يُقَالُ لِبَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ بَلْ لِبَانٌ قَالَ وَالْأَحَادِيثُ خِلَافُ قَوْلِهِمْ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ حَلَالٍ عَلَى مَشْهُور الرِّوَايَتَيْنِ وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُدْرَأُ الْحَدُّ يَنْشُرُ لَبَنُهُ الْحُرْمَةَ وَإِنْ وَجَبَ الْحَدُّ وَانْتَفَى الْوَلَدُ لَا يَنْشُرُ وَإِنِ انْتَفَى الْوَلَدُ وَسَقَطَ الْحَدُّ فَالرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ نَشَرَهُ لِظُهُورِ شِبْهِ النِّكَاحِ الْمَشْرُوعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الرَّاضِعِ وَأَمَّا الْمُرْضِعَةُ فَالْأُمُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الزِّنَا لَا يُنَافِي الْأُمُومَةَ وَلَوْ وُطِئَتِ الْمُتَزَوِّجَةُ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا فَأَرْضَعَتْ صَغِيرَةً فَهِيَ ابْنَةُ مَنْ يثبت لَهُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَإِذَا دَامَ لَبَنُ الْمُطَلَّقَةِ سِنِينَ فَهُوَ مَنْسُوبٌ لِلزَّوْجِ وَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِوَطْءِ زَوْجٍ ثَانٍ وَإِنْ دَامَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ فَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِالْحَمْلِ وَقِيلَ بِالْوِلَادَةِ وَقِيلَ لَا يَنْقَطِعُ إِلَّا بِانْقِطَاعِهِ وَحَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِانْقِطَاعِهِ فَالْوَلَدُ لَهُمَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يَكُونُ طرؤ الزَّوْجِ أَوِ الْحَمْلِ مُغَيِّرًا لِلَّبَنِ حَتَّى تَكُونَ نسبته إِلَى الطَّارِئ أولى أَمْ لَا.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا تَزَوَّجَتْ فَولدت ثمَّ تزوجت وَطَلقهَا ثُمَّ ثَالِثًا وَلَبَنُ الْأَوَّلِ بَاقٍ وَطَالَتِ الْمُدَّةُ عَنْ إِصَابَةِ الْوَسَطِ سَقَطَ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ التَّكْثِيرِ وَالطُّولُ يُبْطِلُهُ وَالْحُرْمَةُ تَقَعُ بِالْإِنْزَالِ بِالْوَطْءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَسْقِ أَحَدُكُمْ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ وَلَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَدَرَّتِ اللَّبَنَ لَمْ يَكُنْ أَبًا إِجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ وجود سَبَبَهُ لِبُعْدِ السَّبَبِ.
فرع:
لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ عَدَدُ رَضَعَاتٍ بَلْ مُطْلَقُ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ وَقَالَهُ ح وَاشْتَرَطَ ش خَمْسَ رَضَعَاتٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نسخن بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ كَاللِّعَانِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ إِحَالَتَهُ عَلَى الْقُرْآنِ الْبَاقِي بَعْدَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قُرْآنًا لَتُلِيَ الْآن لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الْحجر 9 وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ فِي سَنَدِهِ طَعْنًا سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَهُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنَ الْأَوَّلِ وَقد ظهر بُطْلَانه وَعَن الثَّالِث أَنه مغلوب بِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْخَمْسِ كَاللِّعَانِ وَمُعَارَضٌ بِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ على الْعدَد كَالنِّكَاحِ على غير الزَّوْج كَالطَّلَاقِ على الزَّوْجِ إِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ مُطْلَقٌ وَالسُّنَّةَ مُقَيَّدَةٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ تَفْرِيعٌ فِي الْكِتَابِ الْوَجُورُ يُحَرِّمُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَكَذَلِكَ السَّعُوطُ وَالْحُقْنَةُ الْوَاصِلَةُ إِلَى مَحَلِّ الْغِذَاءِ فَائِدَةٌ الْوَجُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الصَّبُّ فِي وَسَطِ الْفَمِ وَاللَّدُودُ الصَّبُّ فِي أحد جانبيه من لديدي الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ فِي السَّعُوطِ وَالْحُقْنَةِ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَشْتَرِطِ ابْنُ حَبِيبٍ الْوُصُولَ إِلَى الْجَوْفِ فِي السَّعُوطِ والحقنة وَقَالَ إِذا خلط اللَّبن بكحل نَفاذ كَالْمُرِّ وَالصَّبْرِ وَالْعَنْزَرُوتِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَعْتَبِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَسَمَيْنِ لِأَنَّ مُرُورَ اللَّبَنِ فِي الدِّمَاغِ كَمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ الْجِسْمِ لَا يَحْصُلُ غِذَاءٌ وَلَوْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ وَكَانَ مُسْتَهْلَكًا.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ وَهِيَ وَطْءُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ وَقِيلَ هِيَ إِرْضَاعُ لَبَنِ الْحَامِلِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمُتَوَقَّعُ مِنَ الْفَسَادِ إِضْعَافُ الْمَنِيِّ اللَّبَنَ لِمُشَارَكَةِ الرَّحِمِ الثَّدْيَ فِي الْمَجَارِي وَلِذَلِكَ تَتَحَرَّكُ شَهْوَةُ النِّسَاءِ بِمَسْكِ الثَّدْيِ وَإِنَّ الْحَمْلَ يَمْنَعُ الْحَيْضَ فَيَنْحَصِرُ فِي الْجَسَدِ فَيَفْسُدُ اللَّبَنُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَبْدُ الْمَلِكِ الْإِنْزَالَ وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى بِمَنِيِّ الْمَرْأَةِ.
فرع:
قَالَ إِذا درت مَا لَا يُحَرَّمُ وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ اللَّبَنُ الْمُغَذِّي.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُهْلِكَ اللَّبَنُ أَوْ صَارَ مَغْلُوبًا بِطَعَامٍ أَوْ دَوَاءٍ لَمْ يُحَرَّمْ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحُكْمِ لِلْغَالِبِ وَقَالَهُ ح فِي الْمَغْلُوبِ بِالْمَاءِ وَالْمُخْتَلِطِ بِالطَّعَامِ إِنْ كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا لِأَنَّ الطَّعَامَ أَصْلُ اللَّبن وَاللَّبن تَابع والهواء كَالْمَاءِ عِنْدَهُ وَإِذَا اخْتَلَطَ عِنْدَهُ لَبَنُ الْمَرْأَتَيْنِ تَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ بِأَغْلَبِهِمَا وَيَشْهَدُ لَنَا أَنَّ النُّقْطَةَ مِنَ الْخَمْرِ لَا يُحَدُّ عَلَيْهَا إِذَا اسْتُهْلِكَتْ مُطلقًا قَالَ ابْن يُونُس وَقَالَ مطرف تحرم لحُصُول الإغتداء بِتِلْكَ الْأَجْزَاءِ وَإِنِ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا وَالنُّقْطَةُ مِنَ الْخَمْرِ إِذَا اخْتَلَطَتْ لَا تُسْكِرُ وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِسْكَارِ مَعَ أَمْثَالِهَا فَظَهَرَ الْفَرْقُ قَاعِدَةٌ إِذَا نَصَبَ الشَّرْعُ سَبَبًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حِكْمَةٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى عَيْنِ السَّبَبِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَنْصِبْ غَيْرَهُ وَيَجُوزُ اعْتِبَارُ الْحِكْمَةِ لِأَنَّهَا أَصْلُ وَضْعِ السَّبَبِ وَالْأَصْلُ أَقْوَى مِنَ الْفَرْع كَمَا شرع السّرقَة سَببا فِي الْقطع لحكمة صون الْأَمْوَال وَالزِّنَا سَببا للحد لحكمة صون الْأَنْسَاب وَهَا هُنَا شَرَعَ الرَّضَاعَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ لِحِكْمَةِ كَوْنِهِ يُغَذِّي حَتَّى يَصِيرَ جُزْءُ الْمَرْأَةِ الَّذِي هُوَ لَبَنُهَا جُزْءَ الْمُرْضَعِ كَمَا يَصِيرُ مَنِيُّهَا وَطَمْثُهَا جُزْءًا مِنَ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ فَإِذَا حَصَلَتِ الْمُشَارَكَةُ حَصَلَتِ الْبُنُوَّةُ فَإِذَا اسْتُهْلِكَ اللَّبَنُ عُدِمَ مَا يُسَمَّى رَضَاعًا وَلَبَنًا وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْحِكْمَةُ فَهَلْ تُعْتَبَرُ أَمْ لَا هَذَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَصْحَابِ اللَّبَنُ الْمُسْتَهْلك لَا يغذي وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن لبن الْحَيَوَان يحصل آخر الْغذَاء مِمَّا خالطهما فِي جَوْفِهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَثُرَ الْمُخَالِطُ وَذَلِكَ مَعْلُوم عِنْد الْأَطِبَّاء وَيدل على عدم اعْتِبَاره هَذِهِ الْحِكْمَةَ إِذَا انْفَرَدَتْ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تقع بدمها وَلَا لَحمهَا وَإِن أغذيا الْوَلَد إِجْمَاعًا وَإِن الْكَبِير يغذى بِاللَّبَنِ وَلَا يُحَرِّمُهُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ إِرْضَاع الذُّكُور ورضاع الْكَبِيرِ وَالْحُقْنَةُ وَالسَّعُوطُ وَالْكُحْلُ وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُرُوعِ فَتَأَمَّلْهَا بِفِكْرٍ حَسَنٍ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ كَرِهَ لَبَنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْكِتَابِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ لِتَوَلُّدِهُ عَلَى الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَقَدْ تُطْعِمُهُ ذَلِكَ خُفْيَةً وَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ اسْتِرْضَاعِ الْفَاجِرَةِ وَقَالَ اتَّقوا إِرْضَاع الحمقاء فَإِنَّهُ يغذي.

.الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي إِثْبَاتِهِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَإِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ وَلَا صَدَاقَ إِنْ سُمِعَ مِنْهُ قبل العقد وَإِلَّا فَعَلَيهِ جَمِيع الصَّدَاقِ لِأَنَّ اعْتِرَافَ الْإِنْسَانِ لَا يُسْمَعُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنِ ادَّعَتْ هِيَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِسَمَاعِ ذَلِكَ مِنْهَا قبل العقد وَلَا يقدر على طَلَبِ الْمَهْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا وَإِقْرَارُ أَبَوَيِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ النِّكَاحِ كَإِقْرَارِهِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّ لَهُمَا مَدْخَلًا فِي الْعَقْدِ فَيُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا وَأَمَّا بعد النِّكَاح فَلَا إِلَّا أَن يتنزه عَنْهَا لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ حِينَئِذٍ وَيُتَّهَمَانِ فِي إِسْقَاطِ الْمَهْرِ بِالْفَسْخِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَتَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ ش لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَقَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا تستقل بِهِ النِّسَاءُ وَيَثْبُتُ عِنْدَنَا بِامْرَأَتَيْنِ إِنْ فَشَا ذَلِك من قَوْلهمَا حَتَّى يكون بِشَهَادَة سَمَاعٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَبْدَانِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ فِي الرجل وَالْمَرْأَة وَاحِدَةٌ وَإِنْ قَامَا حِينَ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ إِذْ لَا يُتَّهَمَانِ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَأُمُّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قِيلَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَقِيلَ أَرْفَعُ مِنْهَا لِاخْتِصَاصِهَا بالاطلاع ولنفي التُّهْمَة وَكَذَلِكَ أَبُو الزَّوْج أَو الزَّوْجَة هَل هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ إِذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ أَمْ لَا فَإِنْ تَوَلَّاهُ فَهُوَ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ أُجْبِرَ ثُمَّ تَوَلَّاهُ فُسِخَ فَإِنْ أُخِّرَ حَتَّى كَبُرَ الْوَلَدُ وَصَارَتِ الْوِلَايَةُ إِلَيْهِ فَهَلْ يُفْسَخُ نَظَرًا لتوليه أم لَا يفْسخ وَيكون شَاهِدًا نَظَرًا لِفَسْخِ وِلَايَتِهِ خِلَافٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ لم يفرق فَيُسْتَحَب وَفِي الْكِتَابِ اعْتِرَافُ الْأَبِ يُؤَاخَذُ بِهِ فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ أَرَادَ شِرَاءَهَا أَوْ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ الْأَبُ قَدْ تَزَوَّجَتِ الْحُرَّةُ أَوْ وطِئت الْأمة لَا يقبل قَوْله لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقِرًّا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ وَإِنْ فَشَا مِنْ قَوْلِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَاقِدَةً قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ إِذَا أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ بِالرَّضَاعِ وَصَدَّقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ كَالْغَارَةِ فِي الْعدة وَإِن لَمْ يُصَدِّقْهَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى فِرَاقِهِ وَإِنْ صَدَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يتْرك لَهَا شَيْئا نَظَائِرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا الرَّضَاعُ وَالْحَمْلُ وَالْحَبْسُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَهَلْ يُقْضَى بِالْمَالِ فَقَطْ أَوْ بِالنَّسَبِ قَوْلَانِ وَالْمَوْتُ وَالنِّكَاحُ وَتَوْلِيَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَالْوَصِيَّةُ وترشيد السَّفِيه واليتيم والولادة وَالضَّرَر زَادَ الْعَبْدِيُّ مَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ مِنَ الْأَشْرِيَةِ وَالْعَدَالَة والجرحة وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَأَنَّ فُلَانًا وَصِيٌّ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ الصَّدَقَاتُ الْمُتَقَادِمَةُ وَالْحِيَازَاتُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْقِسْمَةُ وَقَالَ هِيَ ثَلَاث وَعِشْرُونَ وَعَدَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ.

.الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَن يحرم مِنْهُ:

وَفِي الْجَوَاهِر تحرم مِنْهُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ الْمُرْضِعَةُ فَتَصِيرُ أُمًّا وَزَوْجُهَا فَيَصِيرُ أَبًا وَالصَّبِيُّ فَيَصِيرُ ابْنًا وَالْفُرُوعُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ كَحُرْمَةِ النَّسَبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النّسَب مُتَّفق على صِحَّته فَيحرم الرَّاضِعِ أُمَّهَاتُ الْمُرْضِعَةِ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتٌ وَأَخَوَاتِهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا لِأَنَّهُنَّ خَالَاتٌ وَأَوْلَادَهَا نَسَبًا وَرَضَاعًا لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَكَذَلِكَ فُرُوعُ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى قَانُونِ النَّسَبِ فَلَا يُسْتَثْنَى إِلَّا أَوْلَادُ الْأَعْمَام وَالْعَمَّاتُ كَالْقَرَابَاتِ وَلَا تُحَرَّمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى أَبِي الرَّضِيعِ وَلَا أَخِيهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا وَقَالَ غَيره كل مَا حرم من النّسَب حرم مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمَّ ابْنِهِ مِنَ الرَّضَاعِ وَأُخْتَ أَبِيهِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمَا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تَفْرِيعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَرْضَعَتْ صَبِيًّا بَعْدَ فِطَامِ وَلَدِهَا فَهُوَ مَنْ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْضَعَتْهُ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ دَرَّتْ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ لِأَنَّ اللَّبَنَ بِسَبَبِ وَطْءِ الزَّوْجِ وَلَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَهِيَ تُرْضِعُ فَحَمَلَتْ مِنَ الثَّانِي فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَهُوَ ابْنٌ لَهُمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ اللَّبَنُ يَكُونُ لِلْفَحْلِ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ أَنْ يُوجِدَهُ أَوْ يُكَثِّرَهُ أَوْ يُبَاشِرَ مَنِيُّهُ الْوَلَدَ فِي الْبَطْنِ وَإِذَا أَصَابَهَا وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَمْسَكَ عَنْهَا حَتَّى عَاد البن إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ سَقَطَ حُكْمُ الْوَطْءِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا وَطِئَ أَمَةً حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ وَقَعَتِ الْحُرْمَةُ بِالْوَطْءِ وَيُعْتَقُ ذَلِكَ الْوَلَدُ عَلَى الْوَاطِئِ بِالسِّرَايَةِ لِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يُوجِبْ سَحْنُونٌ الْعِتْقَ وَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ لِأَنَّهَا ابْنَتُهُ وَإِذَا أَصَابَ أَمَةً رَجُلَانِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا وَقَعَتِ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الْعِدَّةِ فَأَصَابَهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ أَوْ أَصَابَ أَمَةً قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ صَارَتِ الْحُرْمَةُ لِلْوَاطِئِ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي هَذَيْنِ لَا حُكْمَ لِلثَّانِي تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَفِي الْأَمَةِ تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ بِأَحَدِهِمَا تَسْقُطُ أُبُوَّةُ الْآخَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ بِلَبَنِ الزِّنَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّانِي لِسُقُوطِ نَسَبِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الرَّضَاعِ وَلَبَنُ الْمُلَاعَنَةِ يُحَرِّمُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ لِقَبُولِهِ الِاسْتِلْحَاقَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّبَنُ فِي الْوَطْءِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَبِالزِّنَا يُحَرِّمُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهُ لَبَنُ الرَّجُلِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ لَا يحرم لبنه للفحل إِلْحَاقًا لِلرَّضَاعِ بِالنَّسَبِ ثُمَّ قَالَ يَحْرُمُ نَظَرًا لِوُجُودِ اللَّبَنِ وَالْعَمُّ مِنَ الرَّضَاعِ لَا يُحَرِّمُ أَخُوهُ مِنَ النَّسَبِ وَلَا الرَّضَاعِ كَمَا لَا يحرم أُخْتَ مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْأُمُّ لِانْقِطَاعِ النَّسَبِ بَيْنَ الْجَنِينَيْنِ وَكَذَلِكَ أُخْتُ أَخِ النَّسَبِ مِنَ الرَّضَاعِ وَيُحَرِّمُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا مِنَ الرَّضَاعِ كَالنَّسَبِ وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا كَبِيرَةٌ اخْتَارَ وَاحِدَةً وَفَارَقَ الْأُخْرَى وَلَا يَفْسَدُ الْعَقْدُ كَمَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِانْعِقَادِهِ صَحِيحًا فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعًا فَأَرْضَعَتْ وَاحِدَةً ثُمَّ أُخْرَى فَاخْتَارَ الثَّانِيَة ثمَّ أرضعت ثَالِثَة اخْتَار أَيْضًا فَإِنْ فَارَقَ الثَّالِثَةَ فَأَرْضَعَتْ رَابِعَةً حَبَسَ الثَّالِثَةَ إِنْ شَاءَ أَوِ الرَّابِعَةَ وَفَارَقَ الْأُخْرَى فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ كُلَّهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا يرى ابْن الْقَاسِم الْمُفَارَقَةِ صَدَاقًا لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا ثَمَنُ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُنَّ كَانَ لَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ بَيْنَهُنَّ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعْطِي كُلَّ مُفَارَقَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ وَلَيْسَ كَالْفَسْخِ وَاخْتِيَارُهُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم لعدم الصَدَاق عِنْده وبطلاق عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ لَهُنَّ وَإِنْ تَعَدَّتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَلِّقٍ وَعَلَيْهَا لِلزَّوْجِ مَا غَرِمَ كَالرُّجُوعِ عَلَى الشَّاهِدِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ لِلْمُفَارَقَةِ صَدَاقٌ.
فرع:
قَالَ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَصَدَاقٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ وَتَتَّفِقُ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا لِثُبُوتِ نِكَاحِ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ التَّدَاعِي فِي صَدَاقِهَا قَالَ ابْنُ حبيب وَكَذَلِكَ الْمَجُوسِيّ يسلم عَن عَشْرِ نِسْوَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا فَيُعْطِي كُلَّ مُفَارَقَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِذَا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَرَضِيعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَسَمَّى لكل وَاحِدَة صَدَاقهَا فأرضعت الْكَبِيرَة أحديهما قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْكَبِيرَةُ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ بَعْدَ فِرَاقِهَا حُرِّمَتْ لِلْأَبَدِ لِأَنَّهَا أُمُّ نِسَائِهِ دُونَهُنَّ لعدم الدُّخُول وَالصَّغِيرَة وَهن ربائب بعد بنائِهِ بهَا فلهَا الصَّدَاقُ وَحُرِّمَتِ الصَّغِيرَةُ مَعَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَإِنْ فَارَقَ الْكَبِيرَةَ بَعْدَ أَنْ مَسَّهَا أَوِ الْتَذَّ بهَا فَتَزَوَّجَ صَغِيرَةً بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَرْضَعَتْهَا حُرِّمَتِ الصَّغِيرَة وَلَو أَرْضعهَا أهل الأَرْض حر من عَلَيْهِ لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا غُرْمَ عَلَى الْمُرْضِعَةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَاسْتَقَرَّ اللَّخْمِيُّ الْغرم على المتعدية فَلَو ارتضعت نَائِمَة لأغرم عَلَيْهَا قَوْلًا وَاحِدًا.
فرع:
قَالَ لَوْ تَزَوَّجَتِ الْمُطَلَّقَةُ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ حُرِّمَتْ عَلَى المُطلِّقِ لِأَنَّهَا صَارَتِ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَوْلِدَةُ.
فرع:
قَالَ إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلَانِ كَبِيرَةً وَأُخْرَى رَضِيعَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةَ الْآخَرِ فَأَرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتِ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا أُمُّ الصَّغِيرَةِ الَّتِي كَانَتِ امْرَأَتَهُمَا وَالصَّغِيرَةُ ربيبته فَينْظر أَدخل بِالْكَبِيرَةِ أَمْ لَا.
فرع:
قَالَ تَحْتَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ بِلَبَنِهَا الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتَا لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ أُمُّ امْرَأَتِهِ وَالصَّغِيرَةَ ابْنَتُهُ فَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ لِغَيْرِهِ فَالصَّغِيرَةُ رَبِيبَتُهُ إِنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ حُرِّمَتَا وَإِلَّا فَالْكَبِيرَةُ وَحْدَهَا فَلَوْ كَانَ مَعَ الْكَبِيرَةِ ثَلَاثُ صَغَائِرَ فَأَوْجَرْنَ لَبَنَهَا مِنْ غَيْرِهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا حُرِّمْنَ مَعَ الْكَبِيرَةِ أَوْ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا حُرِّمَتْ وَحُرِّمَ الْجَمِيعُ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ حُرِّمَ الْجَمِيعُ دَخَلَ أَمْ لَا لِأَنَّهُنَّ بَنَاتٌ لَا رَبَائِبُ فَلَوْ كَانَ لِلْكَبِيرَةِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَغِيرَةً فَالْكَبِيرَةُ جَدَّةُ الصِّغَارِ وَحُرِّمَتْ وَالصِّغَارُ ربائب.